يُشكّل تاريخ 19 مارس 1962 منعرجًا حاسمًا في تاريخ ثورتنا التحريرية، فهو تتويج مُستحق لكفاح ونضال مريرين داما قرن وثلث قرن ضد المحتل الغاصب. وفي هذا السياق لا يفوتنا التنويه بعبقرية الوفد الجزائري الذي قاد المُحادثات في "إيفيان" بحنكة سياسية واستطاع أن يفرض نفسه كمُفاوض شرعي ووحيد للشعب الجزائري، كُفء ومستقل في قراره السياسي، رشيد في دفاعه عن استراتيجية الثورة التحريرية وحفاظه على المبادئ الثورية التي من أجلها اندلع الكفاح التحرري، وفي مُقدمتها استرجاع الحرية المسلُوبة وتحقيق السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني، ووحدة الشعب الجزائري، وهي المبادئ الأساسية التي لا يمكن المساس بها أو التنازل عنها مهما كانت المساومات طِبقا لمواثيق الثورة.
كرونولوجيا لأهم الاتصالات والمفاوضات السرية والعلنية
بين جبهة التحرير الوطني والحكومة الفرنسية
من 1955 إلى 1962
إن المعركة الدبلوماسية التي خاضها مناضلو جبهة التحرير الوطني على طاولة المفاوضات مع مُمثّلي السلطات الاستعمارية الفرنسية لم تكن تقِلّ خطورة عن المعارك في ساحات القتال، إذ تميّز المسار التفاوضي الذي تُوّج بقرار وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، بمشوار عسير من اتصالات ومفاوضات سرّية وعلنية جرت على مراحل متعدّدة وشاقة كانت كالتالي:
16 فيـفري 1955: جـرى أول اتصال رسمي بين مُمثّل السلطات الفرنسية الرائد "مـونتـاي فـانسان"MONTEIL VINCENT(المُلحق العسكري بديوان الحاكم العام "جاك سوستيل"JACQUES SOUSTELLE وقائد المنطقة الأولى "مصطفى بن بولعيد" المُعتقل في تونس.
02/03 سبتمبر 1956: استُؤنفت الاتصالات بين الوفدين الجزائري والفرنسي، وألحّ وفد جبهة التحرير الوطني على الوفد الفرنسي لاتخاذ إجراءات سريعة في التفاوض لأن مناقشة القضية الجزائرية في الأمم المتحدة كانت على الأبواب.
10 ديسمبر 1957: أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثانية عشرة بالإجماع قرار التسوية للقضية الجزائرية، آخذة بعين الاعتبار عرض المساعي الحميــــدة للقطرين الشـــقيقين تونس والمغرب، وأعربت عن أملها في أن تُفضي المُحادثات إلى حلّ عاجل، بينما امتنعت فرنسا عن التصويت.
23 أكتوبر 1958: عقد الجنرال "شارل ديغول" CHARLES DE GAULLE ندوة صحفية في باريس، أعلــن خلالهـــا عن (مشروع سلم الشجعان) LA PAIX DES BRAVES دعا من خلاله عناصر جيش التحرير الوطني إلى إلقاء الأسلحة، وطلب من القيادة السياسية للثورة بالخارج التوجّه إلى فرنسا لبحث شروط الاستسلام، لكن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية رفضت العرض.
16 سبتمبر 1959: أعلن الجنرال "شارل ديغول" في خطاب تلفزيوني عن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.
28 أكتوبر 1959: أعلنت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في بيان لها عن استعدادها للدخول في المفاوضات مع الحكومة الفرنسية حول الشروط السياسية والعسكرية لإيقاف القتال، وشروط ضمانات تطبيق تقرير المصير.
10 نوفمبر1959: عرض الجنرال "شارل ديغول" على قادة الثورة الدخول في المفاوضات لبحث شروط إيقاف القتال وإنهاء المعارك.
20 نوفمبر 1959: ردّت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية على "شارل ديغول" بقبولها للعرض وتعيينها لقادة الثورة المُعتقلين في فرنسا للتفاوض، إلا أنّه رفض ذلك بحجة أن المسجونين هم خارج المعركة.
14 جوان 1960: أعلن الجنرال "شارل ديغول" عن استعداده لاستقبال وفد عن قادة الثورة في باريس من أجل إيقاف المعارك.
20 جوان 1960: قبِلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية عرض "شارل ديغول" وقرّرت إرسال مبعوثين إلى باريس هما "محمد الصديق بن يحي" و"أحمد بومنجل".
25/29 جـــوان 1960: جــرت مـــحـــادثات فـــي مديـــنـة "مولان" MELUN الفرنسية بيـــن ممـثـــلي الحكومــــة المؤقــــتة للجـــمهوريــة الجزائرية "محمد الصديق بن يحي"، "أحمد بومنجل"، والوفد الممثّل للحكومة الفرنسية الذي ضمّ "روجي موريس"، MORIS ROGER (الكاتب العام للجنة المُكلّفة بالقضية الجزائرية في رئاسة الجمهورية الفرنسية) والجنرال "غاستين" GASTINES (خبير في الشؤون العسكرية)، والكولونيل "ماتون" MATHON ، لكن المحادثات باءت بالفشل نظرا لثِقل الشروط التي فرضها "شارل ديغول" ومن بينها استسلام المجاهدين وفصل الصحراء عن الجزائر.
04 جويلية 1960: أصدرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بيانًا رفضت فيه الشروط الفرنسية، وأعلنت عن استعدادها من جديد لإِيفاد مبعوثين إلى باريس إذا تخلّت الحكومة الفرنسية عن شروطها.
16 نوفمبر 1960: أعلن الجنرال "شارل ديغول" أثناء انعقاد المجلس الوزاري الفرنسي عزمه على تنظيم السلطات العامة في الجزائر، وتشكيل هيئة تنفيذية مؤقتة بهدف تطبيق فكرة تقسيم الجزائر ترابيا.
19 نوفمبر 1960: أصدرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بيانا استنكرت فيه المُخطّط الاستعماري.
11 ديسمبر 1960: انطلقت المظاهرات الشعبية طِبقا لتعليمات جبهة التحرير الوطني في ربوع الجزائر رُفع فــيها العلم الجزائـــري وشعار "تحيا الجزائر" "الجزائر مُسلمة مستقلة"..، ضد شعار "شارل ديغول" "الجزائر جزائرية"، وشعار المعمّرين "الجزائر فرنسية"، فكانت حدثا بارزا بالنسبة للثورة التحريرية والرأي العام الداخلي والخارجي، ممّا أعطى دفعا قويا للمفاوضات.
20 ديسمبر 1960: صادقت اللجنة السياسية للجمعية العامة للأمم المتحدة على لائحة الاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.
أواخر جانفي 1961: أوعزت الحكومة الفرنسية إلى الحكومة السويسرية برغبــــتها فــي الاتـــصال بممثلي الحــكومة المــؤقتة للجــمهورية الجزائرية، فاتصــل الدبلـــومـــاسي الــسويسري "أوليفييه لونغ"OLIVIER LONG بالسيد "الطيب بولحروف" في روما للنظر في إمكانية إجراء مفاوضات رسمية، فاستجابت قيادة الثورة لذلك.
20 فيفري 1961: انطـــلقت مـــحادثات ســرية في "لوسيرن"LUCERNE السويسرية بين الوفـــد الجزائــري مُمثّل فــي "أحمد بومنجل" و"الطيـــب بولحــروف" ، والـــوفد الفرنــسي المـــكـــوّن من "جورج بومبيدو" GEORGE POMPIDOU (مدير بنك روتشيلد) و"برونو دو لوس" BRUNO DE LEUSSE (مدير الشؤون السياسية بوزارة الخارجية الفرنسية). وما ميّز هذه المحادثات أن مباحثات الطرف الفرنسي ارتكزت على الجزائر الشمالية دون الصحراء، أما الجانب الجزائري فأراد التفاوض حول ضمانات تقرير المصير والسيادة الكاملة على كل البلاد، مِما جعل مواقف الطرفين متباعدة حول القضايا المطروحة للحوار، وانتهت المفاوضات بالفشل بعد سبع ساعات من المحادثات.
05 مارس 1961: جرى لقاء ســـري في "نيوشاتيل" NEUCHATEL بسويسرا، بيـــّن حـــدة الخـــلاف وعــدم تطابق وُجــهات النـــظر بـــين الـــوفد الجزائـــري المُـــكــوّن مــن "أحـمد بومنــجل"، "الـــطــيب بــولــحــروف"، والــوفد الــفـــرنســي المُــكوّن من "جــورج بـــومبـــيدو" GEORGE POMPIDOUو"بــرونو دولوس" LEUSSE BRUNO DEالذي أثار قضية الهدنة وبقاء قاعدة المرسى الكبير والصحراء تحت السيادة الفرنسية، لكن الوفد الجزائري تمسّك بمبدأ السيادة الوطنية ووحدة التراب الجزائري، وهذا ما أدى إلى فشل المحادثات مرة أخرى.
30 مارس 1961: أصدرت كل من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بتونس والحكومة الفرنسية بباريس بلاغًا أعلنت فيه كل منهما استئناف المفاوضات رسميا في 7 أفريل 1961.
31 مــــارس 1961: على إثــر اغتـــيال رئــيس بلـــدية "إيفيان"EVIAN "كميل بلان" CAMILLE BLANC من طرف منظمة الجيش السري الإرهابية، قرّرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تأخير المفاوضات، وفي نفس اليوم صرّح "لويس جوكس" LOUIS JOXE (وزير الدولة المكلّف بالقضية الجزائرية) أثناء الندوة الصحفية التي عقدها في وهران بأن المفاوضات المُقبلة ستشارك فيها الحركة الوطنية المصالية إلى جانب ممثلي جبهة التحرير الوطني.
01 أفريل 1961: أصدرت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بيانًا رفضت فيه الموقف الفرنسي وأعلنت عن عدم مشاركتها في المـــفاوضـــات المُقــــرّرة فــــي مدينة "إيفيان" EVIAN الـــفرنسيــة يوم 7 أفريل 1961.
20 ماي/13 جوان 1961: أعلنت الحكومتان الجزائرية والفرنسية عن انطلاق المُفاوضات الأولى رسميا بمدينة "إيفيان" الفرنسية، وتألّف الوفد الجزائري المُفاوض من الـــسادة "كريم بلقاسم"، "سعد دحلب"، "أحمد فرنسيس"، "محمد الصــديق بـن يحي"، "الطيب بولحروف"، "أحمد بومنجل"، والرائدان "علي منجلي"، "قايد أحمد" من قيادة الأركان، و"رضا مالك" المتحدث الرسمي للوفد الجزائري.
أمـــا الوفد الفرنسي فترأســه "لويــس جوكس" LOUIS JOXE إلى جــانب "برنار تريكو" BERNARD TRICOT، "فيكـــتور ســويرا" VICTOR SUIRA، "كلود شايي" CLAUDE CHAYET، و"برونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE.
انطلـــقت المُفاوضات بحــضور الوسيط السويسري "أوليفييه لونغ" OLIVIER LONG، حيت عرض الوفد الفرنسي الهدنة، وقف العمليات العسكرية، قانون امتيازي للأوروبيين وأخيرا حق تقرير المصير للثلاثة عشر مقاطعة في الشمال الجزائري دون الصحراء، لكن الوفد الجزائري رفض مبدأ المساس بوحدة التراب الوطني، فتوقفت المفاوضات يوم 13 جوان1961 بعد رفض الوفد الجزائري للمطالب الفرنسية.
11 جويلية 1961: عقد الجنرال "شارل ديغول" ندوة صحفية في باريس صرّح فيها: "أنّ الجزائر دولة مستقلة".
17 جويلية 1961: أعلنت كل من الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية استئناف المفاوضات فــي قصــر "لوغــران"LUGRIN بإيفيان يوم 20 جويلية من نفس السنة.
20/28 جويلية 1961: استُؤنفت المُفاوضات من جديد بين الوفد الجزائري والفرنسي في "لوغرين" LUGRIN، لكنها أخفقت بسبب تمسّك الوفد الجزائري بمبدأ اعتراف فرنسا بالسيادة الكاملة على التراب الجزائري.
05 سبتمبر 1961: صرّح الجنرال "شارل ديغول" في خطاب متلفز بفرنسا " أن الصحراء جزائرية".
02 أكتوبر 1961: ألقى الجنرال "شارل ديغول" خطابًا متلفزًا صرّح فيه: "نأمل للجزائر أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة في إطار التعاون مع فرنسا".
28/29 أكتوبر 1961: التقى سريا في مدينة "بال" BALE السويسرية الوفد الجزائري مُمثّل في "محمد الصديق بن يحي" و"رضا مالك"، والوفد الفرنسي المُكوّن من "برونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE و"كلود شايي" CLAUDE CHAILLET، وتركّزت المحادثات حول السيادة الوطنية على الصحراء والاستفتاء العام، كما أثار الوفد الفرنسي قضية ازدواجية الجنسية للأوروبيين والمرحلة الانتقالية، وافترق الوفدان لعرض القضايا المطروحة على الحكومتين الجزائرية والفرنسية.
90 نوفمبر 1961: التقى سريا في مدينة "بال" BALE السويسرية للمرة الثانية الوفد الجزائـــري المُـــكوّن من "محمد الصديق بن يــحي " و"رضا مــالك"، والوفــد الفرنــسي المُــكـــوّن من "بـــرونو دولــــوس" BRUNO DE LEUSSE و"كلود شايي" CLAUDE CHAILLET ، فتبادل الطرفان التقرير المُصادق عليه حول القضايا المطروحة في الاجتماع الأول بـ "بال" BALE.
09ديسمبر 1961: التقى سريا بمدينة "ليروس" LES ROUSSES بجبال "جيرا" JURA قرب الحدود السويسرية الوفد الجزائري المُكوّن من "سعد دحلب" و"محمد الصديق بن يحي"، والوفد الفرنسي المُكوّن من "لويس جوكس" LOUIS JOXEو"برونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE لدراسة قضية الصحراء وثرواتها البترولية. أما التنقيب عن الثروة البترولية فقد اقترح "سعد دحلب" أن تُقدّم الهيئة التقنية رأيها للدولة الجزائرية للنظر في القضية.
23 ديسمبر 1961: التقى من جديد بمدينة "ليروس" LES ROUSSES الوفد الجزائري المُمثّل في "سعد دحلب" و" محمد الصديق بن يحي"، والوفد الفرنسي المُكوّن من " لويس جوكس" LOUIS JOXE وأعضاء آخرين، وقد سلّم الوزير المذكور مذكّرة باسم الحكومة الفرنسية لتُجيب عنها الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مطلع جانفي 1962. وفي هذا اللقاء تمسّك الوفد الفرنسي بتعيين المندوب العام ورئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة التي تتولى تسيير الشؤون الداخلية في الجزائر.
29/30 ديسمبر 1961: التقى سريًا للمرة الثالثة الوفدان الجزائري والفرنسي برئــاسة كل مــن "ســـعـــد دحــلب" و" لــويس جوكس" LOUIS JOXE . وقد أبدى الوفد الفرنسي تمسّكه بموقفه حول الهيئة التقنية للصحراء، وازدواجية الجنسية للأوروبيين، ووضعية الجيش بعد إيقاف القتال، والمرسى الكبير وبرنامج التجارب النووية بالصحراء الجزائرية.
09 جانفي 1962: استمرت المحادثات بين "الطيب بولحروف" والسيد "أوليفييه لونغ" OLIVIER LONG حول استئناف المفاوضات الرسمية، وفـــي نفــــس التاريخ ســـلّم " محمد الصديق بـــن يحي" إلى السيد "برونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE مذكّرة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ردًا على المذكّرة الفرنسية التي قُدّمت في 23 ديسمبر 1961.
28/29 جانــفي 1962: التـــقى الـــوفد الجــزائـــري المُــكوّن من "سعد دحلب"، "محمد الصديق بن يحي "، "رضا مالك"، والوفد الفرنسي المُكوّن من "لويس جوكس "LOUIS JOXE، "برونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE والخبير العسكري "جوبير"JUBERT ، وتوصّل الطرفان إلى التوافق على أغلب القضايا المطروحة للنقاش.
31 جانفي 1962: كلّفت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وفدا يتكوّن من "كريــم بــلقاسم"، "عـبد الله بـن طـوبال"، " محمد الصديق بن يحي" للقيام بالاتصالات مع المُعتقلين الخمسة لاطلاعهم على مضمون المُفاوضات السرية وإشراكهم في الاقتراحات والملاحظات.
11/19 فيفري 1962: اســـتُؤنـــفت المفـــاوضات بمـــدينة "ليروس" LES ROUSSES بيــن الوفـــد الجزائـــري المُكــوّن مـــن "كريم بلقـــاسم"، " عــبد اللــه بــن طوبـــال "، "سعــد دحلب"، "مــحمد يــزيد"، "محمد الصديق بن يحي "، "رضـــا مــالك" و"الصغير مصـــطفاي"، والـــوفــد الفرنسي المُكــوّن من "لويس جوكـــس" LOUIS JOXE، والأمير "جون دو بــروقــلي" JEAN DE BROGLIE، "روبـــيـر دو بـرونـو" ROBERT DE BRUNO، "بــرونو دولوس" BRUNO DE LEUSSE، والجــــــنرال "دي كـــامـــاس" DE CAMAS، و"كـــلود شايــي" CLAUDE CHAILLET، وفي هذا اللقاء توصّل الوفدان إلى الاتفاق على النصوص المُصاغة التي أُعيدت قِراءتها، وافترقا على أساس أن يُقدّم كل وفد الوثيقة المُتفق عليها كاملة إلى حكومته، وكانت هذه المرحلة حاسمة في تاريخ المفاوضات.
22/27 فيفري 1962: اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية بحضور أعضاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بطرابلس، لدراسة ملف المفاوضات مع الحكومة الفرنسية، وتمّ التصويت على نص المشروع بالموافقة على مضمونه.
7 مارس 1962: انطلقت مفاوضات "إيفيان" EVIAN الثانية للنظر في تطبيق ما توصّل إليه الوفدان الجزائري والفرنسي من نتائج وتحويلها إلى اتفاق رسمي.
18 مارس 1962: تم التوقيع على نص "اتفاقيات إيفيان" مـــن قِبل "كريم بلقاسم" عـــن وفد الحكومــــــــة المؤقتة للجمهورية الجزائرية و"لويس جوكس" LOUIS JOXE عن الطرف الفرنسي.
19 مارس 1962: تطبيقا لِما ورد في نصوص اتفاقيات إيفيان، حُدِّد يوم 19 مارس 1962 تاريخ وقف إطلاق النار عبر كامل التراب الجزائري. وقـــد توجّه بالمنـــاسبة رئيس الحــكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية "بن يوسف بن خدة" بخطاب إلى الشعب الجزائري، جاء في افتتاحيته: "بعد شهور من المفاوضات الصعبة والشاقة تحقّق اتفاق عام في ندوة إيفيان بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي. وهذا نصر عظيم للشعب الجزائري الذي أصبح حقّه في الاستقلال الوطني مضمونا، ونتيجة لذلك وباسم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية المُفوّضة من طرف المجلس الوطني للثورة الجزائرية، فإني أُعلن وقف إطلاق النار في كامل أنحاء الوطـــن الجزائري ابتــداءً من يوم الاثنين 19 مارس 1962 على الساعة 12 بالضبط. وإنني باسم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أُصدِر الأمر إلى جميع قوات جيش التحرير الوطني المُحاربة بالتوقّف عن العمليات العسكرية وعن النشاط المسلّح في مجموع التراب الجزائري ..."